top of page

مع بعضنا، ننجحو

شكرا لكم على مساندتكم.

أخواتي إخواني،

 

     ورثنا بلادنا عن أبائنا وأجدادنا وقد بذلوا في سبيل الحفاظ عليها دماء وأرواحا زكية، حلموا وحلمنا بوطن يستطاب فيه العيش وتحفظ فيه الكرامة ويتيسر فيه الرزق، بلد نورثه أبنائنا ونحن مطمئنون عليهم بعد أن هيأنا لهم أسباب الرخاء وضمنا لهم ما يؤهلهم لبناء ذواتهم ورسم طريقهم في الحياة.
 

     حلمنا ولازلنا نحلم بوطن منيع متماسك تؤلف بين أبنائه وحدة وطنية صماء وروح تضامن عالية تكفلها دولة راعية، فلا يترك فيه أحد على قارعة الطريق ولا تهمش فيه جهة ولا فئة.
 

     وطن تسود فيه فعليا قيم الجمهورية وتتساوى فيه الفرص والحظوظ، وتسري فيه على الجميع دون تمييز ولا تصنيف عدالة نافذة ونزيهة لا سلطان عليها سوى القانون.
 

     إلا أنه مضت 68 سنة على دولة الاستقلال وتعاقبت الحكومات دون أن يتحقق سوى النزر القليل من أحلامنا. ومع كل مرحلة من الحكم كانت تتجدد أحلامنا ولكن الوعود والشعارات المرفوعة سرعان ما يتضح زيفها وبطلانها. فلم نجن سوى الخيبة تلوى الأخرى.
 

     فلا النمو تحقق ولا الإقلاع الموعود تجسم ولا البطالة تقلصت ولا المرافق الاجتماعية من صحة وتعليم ونقل أصلحت ولا حياتنا تيسرت ولا العدالة سادت ولا الفساد حُوصر ولا الدساتير احترمت ولا المؤسسات الدستورية تأصلت.
 

     حكمنا الجميع بإسم الشعب وأصدروا بأسمنا القوانين التي كبلتنا وضيقت علينا هامش الحريات الفردية والجماعية بتعلة الحفاظ على النظام العام ولا قصد لهم في النهاية سوى تحصين سلطتهم وأنظمتهم.
 

     لم تخلُ العقود الماضية من السعي المحموم لتفرقتنا واستغلال اختلافاتنا الطبيعية لبث البغضاء والتنافر بيننا وزرع بذور الفتنة والتخوين والرجم بالعمالة والفساد.
 

     فتقوضت وحدتنا الوطنية وتراجعت الثقة في الدولة وضعفت العزائم ودب اليأس في النفوس في غياب مشروع وطني يحفز الناس ويرفع عاليا قيمة العلم والبذل ويثمن العطاء والإنجاز ويكافؤه.
 

     وأمام تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتراجع مكانة وطننا وإشعاعه بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة فإنه لا يمكننا أن نظل مكتوف الأيدي أمام حجم الدمار الذي يصادر حاضر أمننا ومستقبلنا وعليه فإني أعلن ترشحي للانتخابات الرآسية القادمة.
 

     ويأتي هذا الإعلان في تاريخ دخلنا فيه فعليا في فترة الحملة الانتخابية حسب ما يحدده القانون الجاري المنظم للانتخابات.
 

     وعليه ننفي كل محاولة لتنقيح هذا القانون أو تعديله بأية صورة من الصور. كما يصبح رئيس الجمهورية الحالي مرشحا من جملة المترشحين إلا إذا ما أعرب عن نيته صراحة عدم خوض الاستحقاق الانتخابي القادم.
 

     وبناء عليه فإن جملة المراسيم والتدابير التي حصن بها نفسه من كل نقد أو مساءلة تصبح فعليا وواقعيا لاغية. إذ هي تنزله منزلة النبيء المعصوم وكيف لنا أن ننافس الأنبياء والقديسين؟
 

     وإذ نرجو أن يتم الاستحقاق الانتخابي في كنف الاحترام المتبادل بين المترشحين وأن تلتزم الهيئات المشرفة عليه بمعاير النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص فإني أدعو رئيس الجمهورية للمسارعة بتحديد موعد الانتخابات حتى ييسر على المشرفين عليها الإعداد لها في أحسن الظروف والإيفاء بالتعهد الذي أملاه القسم الدستوري والذي بموجبه تنطلق العهدة الرئاسية القادمة يوم 23 أكتوبر 2024.
 

     عاشت تونس حرة منيعة.

     عاشت الجمهورية والعزة للشعب التونسي.

 

 لطفي المرايحي     

bottom of page